“… لماذا لا يتدخل الله وهو الذي ملئ القرآن وعودا؟
حتى لو تخاذل الناس الا يكون هناك مجال لرحمة الأطفال والابرياء !
قيل لنا ان الله تدخل ضد قوم لوط وقوم عاد وثمود واغرق فرعون؟ لماذا لايتدخل الان في سوريا؟
اين الله؟ …”
كانت هذه فقرات من حوار طويل مليء بالاسئلة مع شاب عشريني حول الدين والاله.
“الالحاد اصبح موضه هذه الايام … هذا ما اسمعه كلما طرحت سؤالا بين الاصدقاء او على الشبكات الاجتماعية ” يقول شاب اخر؟
كل يوم يصطدم عدد متزايد من الشباب والفتيات بكثير من الأفكار الدينية أو الاطروحات الموجودة لتبدأ بعدها دوامة متواصلة من البحث والتساؤلات التي يجر بعضها بعضا والتي لا يجدون لها الاجابات الشافية المقنعة. الأسوء في هذا الجانب هي حالة الوعيد والتهديد سوائا بالتصريح أو التلميح التي يُقابل بها هؤلاء من الذين من حولهم. يتجنب البعض ويكتم اسئلته الى حين. والأسئلة لا تموت حتى وإن دفنت.
على الطرف الآخر وفي نفس الوقت و بإستثناء محاولات فردية من بعض مشائخ الدين أو قلة محدودة من أهل العلم لا يوجد خطاب جديد حتى الآن يجيب ويقنع على كمية التساؤلات التي تولد حاليا.
من أين تأتي التساؤلات؟ ولماذا الآن؟
كثير من التساؤلات تولدها مواقف معينة ولا أظن أن ما مرت به المنطقة مؤخرا وشهده الجميع بالشيء الهين أو البسيط.
لقد شاهد الجميع شباباً عُزّل يُقتلون لأنهم يطالبون بمطالب بسيطة فيما شيخ دين يبارك قتلهم، وشاهدوا مسلما يقتل آخر لأنه يختلف معه في الإنتماء السياسي وآخر لأنه يختلف معه في الطائفة. شاهدوا شيخاً يحشد شبابا آخرين للقتال في طرف وثاني يدعوهم للقتال في الطرف الآخر بينما ثالث يدعوهم أن يفجروا أنفسهم وكل ذلك بالادلة الشرعية.
على الهامش: من الواضح جدا وجود ظاهرة إلحاد كسول وهذا مختلف عن مانحن في طور الحديث عنه هنا. اسميها الحاد كسول لانه غالبا مرتبط بحالة من عدم الرغبة في البحث او السعي للمعرفة. وهي مقاربة لحد كبير من حالة الايمان الكسول، الايمان القائم على الاتباع دون اي بحث او تفكير.
الاحداث السياسية الحاصلة في المنطقة تشكل الكثير من الصدمات لانها تضع الكثير من القيم والمبادئ والمعتقدات على المحك لكن هل هي السبب الوحيد ؟
لا أظن ذلك وقبل الحكم المسبق علينا ان نرجع الى ما يحدث في المجتمعات باسم الدين.
اسألوا كثيرا من خطباء الجمعة الذين يروون كثيرا من الأساطير في الخطب والحكايات الملفقة سوائا تلك التي ينقلها بعضهم عن بعض او تلك المنسوبة لـ”حدثني احد الثقات” وغيرها. اسألوا اولئك المشائخ الذين تلاعبوا بالنصوص واجتزئوها ليثبتوا فكره عابره كذبها أو نفاها العلم قطعيا.
اسألوا اولئك الذين يسارعون إلى (تحريم) كل ماهو جديد (بالدليل من الكتاب والسنة) حتى اذا مرت الايام غضوا عنه الطرف ثم اذا ما تبين تأثيره القوي قفزوا لاستخدامه.
اسألوا من يستعرض انصاف الوقائع التاريخية التي تظهر بعض الشخصيات في التاريخ الاسلامي كملائكة بينما هم مجرد بشر لهم مالهم وعليهم ماعليهم حتى اذا تبينت كثير من تفاصيل حياتهم الاخرى تكون صدمة لمن تأثر بهم.
اجيبوا على من يتسائل لماذا عندما يأتي احد ليتهم المسلمين بالتخلف فيخرج له بعضهم اسماء علماء مسلمين فاذا ما بحث في تاريخهم وجد ان هؤلاء العلماء الذين يُعتد بهم الان اتهموا بالزندقة بل والكفر لبعضهم اثناء حياتهم ؟!!
تقول لنا نصوص التاريخ ان المؤمنين الأوائل في كل الديانات كانوا كفارا في نظر مجتمعاتهم وفي التاريخ ايضاً قصص لكثير من المتسائلين الذين قادتهم التساؤلات للبحث عن الله والإيمان حتى في تلك الفترات التي لم يوجد فيها أنبياء. فهل كان المتسائلون اقرب الى الله ام من اتبع ماوجدنا عليه ابائنا؟ ينطبق هذا الكلام على الرسل والانبياء الذين كانوا حالات متأمله باحثة ومستقلة فكريا قبل ان ينزل الوحي عليهم.
اجيبوا على الشباب الحيارى الباحثين بالحجة وليس بالنصوص واجيبوا عليهم بلغة عصرهم وبما يقنعهم. انزلوا من ابراجكم وافتحوا ابواب الاسئله معهم وناقشوهم. ويا هولاء قبل ان تلوموا الاسئلة لومو انفسكم فهؤلاء الابرياء اقرب الى الله من كثير منكم.
وهم. ويا هولاء قبل ان تلوموا الاسئلة لومو انفسكم فهؤلاء الابرياء اقرب الى الله من كثير منكم.
إقرأ أيضا
قرأت ذات مرة عن الوجع الذي قد تسببه "الذكريات الجميلة" وبقدر ما أدركت ذلك من خلال التأثير التي تحدثه فيني مثلا رؤية الصور القديمة لمن أحب. إلا أن الأمر يأخذ تأثيرا آخر عندما تعود بجسدك وحواسك للأماكن القديمة التي سرت فيها. أن تسير وسط اكوام ذكرياتك القديمة، تجربة مميزة ومختلفة. أن تبحث عن أي أثر لنفسك التي كنت يوما.
مع كل رحيل لصديق يرحل جزء من ذكرياتنا واحلامنا الى الابد. مع كل رحيل تزداد الفراغات اتساعا بين خلايا الروح .. يقتلنا الرحيل المستمر .. الوجوه المتغيره حولنا دوما وباستمرار .. هذا باختصار ماينتجه نزيف الاصدقاء الأبدي في مجتمعاتنا العربية.